متحف البرادو
الــــــــــــــــــــــرحــــــــــــــــــاب لصاحبه محمود عبد الستار :: الشباب والترفيه :: متاحف عالمية
صفحة 1 من اصل 1
متحف البرادو
في مكان واحد عمرة أكثر من مائتي عام .. يجتمع عباقرة الفن الأسباني ، وحين تدخل عليهم تري الواحد منهم عشرات المرات ، تراهم في لوحاتهم التي خلدتهم إلى الأبد ، والتي خلدت معهم فن الرسم العالمي هناك تري وفيلازكيز وموريللو وجويا وبيكاسو ، الذي كان يوما الحارس الأمين للمكان .. أقصد متحف البرادو !
متحف ألبرادو استراحة.. عمالقة الفن الأسباني
تضافرت حضارات عريقة ، وعلى رأسها الحضارة الإسلامية العربية ، لتحول أسبانيا إلى دولة ذات ثراء على صعيد الحياة الفنية بين دول أوروبا ، وظهر في أسبانيا الكثير من الفنانين الذين نافسوا عمالقة الرسم في إيطاليا وفرنسا وألمانيا ، وتتجسد عبقرية هؤلاء الفنانين الأسبان في اللوحات الزيتية والمنحوتات العديدة ، التي يضمها متحف البرادو في قلب العاصمة الأسبانية مدريد.
وتضم قاعات المتحف العديدة مجموعات من الرسوم الزيتية ، تعد الأكثر استكمالا في العالم ، وتزيد هذه الأعمال عن الثلاثة آلاف رسم زيتي لأشهر عمالقة الرسم في العالم ، بالإضافة إلى ما يربو على 400 منحوتة ، ومجموعة من المجوهرات وقطع نادرة من البور سلين والكريستال والمشغولات الذهبية.
والرسوم الزيتية التي تضمها قاعات المتحف المختلفة أبدعها عمالقة هذا الفن من جميع أنحاء العالم . . فهناك 83 لوحة أبدعها العبقري روبنز ، 40 لوحة بريشة بروجل ، 36 ل (تيتيان) ، 14 ل ( فيرونيز ) ، 6 لوحات و05 رسما تخطيطيا للرسام هيرونيموس بوش.
أما علي صعيد الفن الأسباني ، وهو الذي يمتاز به متحف اللبرادو عن غيره من المتاحف الكبرى ، فهناك 05 عملا لفنان فيلازكيز ، وعدد مماثل من اللوحات للفنان ريبير ، و40 للرسام موريللو ، و33 للرسام الجريكو ومالا يقل عن 114 لوحة و50 رسما تخطيطيا لعبقري الرسم الأسباني العالمي (جويا) ، ويقدم متحف البرادو نماذج عديدة لمدارس الرسم الأسباني الإيطالية ، الفلمنكية ، الفرنسية ، الألمانية ، الهولندية ، الإنجليزية ، وفي الواقع فان زيارة متحف البرادو تفتح الباب على مصراعيه للتعرف على أصول وإنجازات الفن الغربي بأكمله.
تاريخ المتحف
تتوزع كنوز المتحف داخل قاعات مبني عريق تم بناؤه في عام 1785 ليكون في الأصل مقرا لمقتنيات معهد العوم الطبيعية ، ورغم أن المتحف البرادو افتتح يوم 19 نوفمبر عام 1819 خلال حكم فرناندو السابع ، بعد ترميمه من جراء ما تعرض له نتيجة لحرب جزيرة أيبريا ، فان فكرة إنشاء متحف لم تكن بالجديدة ، بعد أن تحولت أجزاء من قصر الاسكوريال الأسباني الشهير إلى قاعات لعرض العديد من اللوحات الفنية ، وذلك كارلوسن الثالث الذي أقنعة القريبون منه بأهمية إنشاء صالة فنية تليق بحاكم عظيم مثله ، وتجسيد في الوقت نفسه روح التنوير التي راحت تنتشر في جميع أنحاء أوروبا في ذلك القرن.
وحظيت فكرة إنشاء متحف كبير للفنون بقوة دفع إضافية خلال حكم جوزيف بونابرت ، الذي سيطرت عليه فكرة تأسيس متحف جوزيف ، لكن المتحف أنشئ في عهد فرناندو السابع بتأثير من زوجته الثانية ماريا إيزابيل ، التي توفيت عام 1818 ، أي قبل عام واحد من افتتاح المتحف.
وشهد متحف ألبرادو منذ افتتاحه العديد من التوسعات ، كما زادت مقتنيات بشكل ملحوظ ، حيث ضم في أواخر القرن الماضي الزيتيات السواء لجويا ، التي أهداها الأرستقراطي البلجيكي أيميل دير لانجر للمتحف ، واسكتشات رونبز الرائعة ، ومع بداية القرن العشرين حصل المتحف على لوحات هامة عديدة من بينها لوحات جويا ( أسرة دوق أوسونا) و ( تاديا أرياس ) .
وعندما نشبت الحرب الأهلية الأسبانية في أوائل الثلاثينات من هذا القرن ، تم تعيين الرسام العبقري بابلو بيكاسو أمينا على المتحف ، لكنه لم يستطع الاضطلاع بهذه المهمة ، وتم نقل مقتنيات المتحف عندما أغلق يوم 03 أغسطس 1936 ، إلى فالينسيا في البداية ، ثم إلى كتالونيا قبل أن تودع في النهاية في جنيف تحت رعاية عصبة الأمم ، وظلت هناك حتى عادت في عام 1939 إلى مدريد .
وشهد متحف ألبرادو مرحلة تاريخية جديدة ، وجرى تحسين وتطوير العديد من قاعات المبني التي تم تزويدها بالمواد الواقية من الحريق لمنع وقوع أية حوادث يمكن أن تأتي على المجموعة بأكملها ، وحصل المتحف بعد ذلك على العديد من القطع الفنية سواء من خلال الاهداءات أو المشتروات
مراحل التطور
تتشكل النواة الأصلية لمتحف ألبرادو من أعمال رسامي البلاط ورسامي ( البورتريه ) الرسميين ، الذين ينتمون إلى البلاط الملكي منذ عهد فيليب الثاني وحتى عصر كارلوس الرابع ، كذلك أعمال الفنانين الأسبان حتى نهاية القرن الثامن عشر ، ثم اقتنى المتحف في وقت لاحق أعمالا لرسامين ينتمون إلى المدرستين الفلمنكية والإيطالية.
ومع ذلك فان أهمية مجموعة ألبرادو برزت بوضوح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، عندما ضم المتحف محتويات متحف دي لاترينداد السابق ، وهي مقتنيات يغلب عليها الطابع الديني لمدرستي مدريد وطليطلة ، وتزايدت محتويات المتحف بالتدريج بعد أن خرج من محاولات إحراق متعددة وعمليات سرقة عديدة قبل نهاية القرن التاسع عشر ، وإبان الحرب الأهلية الأسبانية ، وفي عام 1946 ضم المتحف ولأول مرة لوحات زيتية رومانية ، كما ضم العديد من الأعمال الفنية لمدارس ( الباروك ) في قرطبة ، غرناطة ، أشبيلية ، وفالنسيا ، مما ساهم في توسيع الإطار التاريخي والفني لهذا المتحف العريق ، ومن أهم قاعات متحف ألبرادو الآن : قاعة ريبيرا ، قاعة الجريكو ، قاعة فيلازكيز ، قاعة موريللو ، وقاعة جويا.
ريبيرا . . الأسباني الصغير
ولد خوزيه ريبيرا في فالنسيا عام 1591 ورغم أن أسرته كانت تريده أن يدرس الآداب إلا إنه اتجه منذ سنواته الأولى إلى الرسم ، وعاش ريبيرا فترة من الزمن في إيطاليا ، حيث أطلق عليه هناك لقب ( الأسباني الصغير ) ، وتنقل بين مدن بارما ، روما ونابولي حيث تزوج من ابنة رسام، ويمكن تحديد ثلاث مراحل بارزة في أعمال ريبيرا الأولي بين 1616 و 1624 حيث اتسمت بتأثره بالجو الأسباني الذي نشأ وترعرع فيه ، وطغت على لوحاته الألوان المبهجة الخفيفة ، أما المرحلة الثانية من فن ريبيرا فقد استمرت من 1624 حتى 1638 ، وقد أطلق عليها النقاد اسم ( المرحلة السوداء ) ، وتجسدها لوحة ( سانت أندرو ) بمتحف ألبرادو ، التي يطفي عليها طابع الكآبة ، أما في المرحلة الثالثة والأخيرة فقد اتسمت لوحات ريبيرا بالشفافية ، ويمكن مقارنتها بالأعمال المبهجة للفنان فيلازكيز.
ومن بين 50 لوحة زيتية ل ( ريبيرا ) في متحف ألبرادو ، تعد لوحة ( القديس جيروم ) صورة واقعية مؤثرة ، استعرض فيها الفنان مقدرته على دراسة عضلات الجسم الإنساني ، الذي يتعارض مع التعبير الروحي المرسوم على وجه القديس.
الجريكو .. رسام العصور
رغم أن دومينكو ثيوتو كوبيلي ولد في عام 1541 في جزيرة كريت ، فأن العالم عرفه على أنه أسباني ، وأحد عباقرة فن الرسم في هذه الدولة ، وأطلق الإيطاليون والأسبان عليه اسم دومينكو جريكو ، أو الجريكو ، أقام الجريكو في فينيسيا خلال فترة شبابه ، وعمل في أستوديو تيتيان.
وعندما ذهب إلى روما في حوالي عام 1570 تعرف على جويو كلوفير ، الرسام الذي كان يعمل لدي الكاردينال جريماني ، وتأثر الجريكو خلال فترة أقامته في روما بالعديد من كبار الرسامين أمثال تيتيان ، مايكل أنجلو وياسانو ، ثم رحل الجريكو بعد ذلك إلى أسبانيا ، ويبدو أنه ذهب أولا إلى مدريد حيث التقي بدونا جيرونيما التي قيل أنه تزوجها وأنجب منها ولدا أسماه جورج مانويل ، قد يكون ذلك الشاب الوسيم الذي رسم الجريكو لوحة بورتريه له توجد الآن في متحف الفنون الجميلة في أشبيلية ، وفي عام 1577 توجه الجريكو إلى مدينة طليطلة حيث ارتقى فنه وأصبح واحدا من أعظم الرسامين في كل العصور ، وفي عام 1586 بدأ في رسم أنجح وأروع أعماله ، وهي لوحة (دفن الكونت أورجاز) وذلك بتكليف من كنيسة القديس توميه ، حيث ما تزال هذه اللوحة هناك ، كما رسم لوحة (حلم فيليب الثاني) في عام 1579 ، وظل الجريكو في مدينة طليطلة خلال الأعوام الأخيرة من حياته ، حتى توفي في عام 31 مارس 1614.
ويمكن القول بأن أعمال الجريكو تسبق الزمن الذي عاش فيه بسنوات عديدة ، بل إنها تتفوق على الكثير من الأعمال الجريئة والتجريبية الناجحة للفن الحديث ، ويري الناقد الفني جوليو بايرو أن الجريكو يعد أكثر الرسامين الذين ينتمون لعصر النهضة والأكثر جرأة في الخروج عن التقاليد المألوفة في الرسم ، كما يعد من بين جميع الرسامين المعروضة لوحاتهم في متحف ألبرادو حالة خاصة وسط الرسامين الأسبان قبل جويا ، وتضم مجموعة مدريد في متحف ألبرادو 33 عملا لألجريكو ، من أهمها لوحة (النبيل الذي يضع يده على صدره) ، وهي واحدة من أشهر الأعمال ، وتمتاز بدقة التصوير ، وروعة الألوان ، ونبض الإحساس ، ولوحة (القديس) جون التي أبدع الجريكو في استخدام الألوان ، ولوحة الدكتور دي لا فونت ، وبورتريه (ترينتي) الرائع الذي يضاهي أعمال مايكل أنجلو في سنواته الأخيرة.
فيلازكيز .. رسام البلاط
يعد دييجو رودريجز فيلازكيز بلا شك واحدا من أبرز الرسامين في العالم ، ولد في أشبيلية يوم 8 يونيو 1599 وهي بداية مثالية لأي رسام ، حيث تمتاز هذه المدينة بجوها الفاتن وسمائها الصافية ، وفيلازكيز هو أبن نبيل برتغالي ، ومن أم تنتمي لعائلة أرستقراطية في أشبيلية ، وبدأ الصبي دييجو يدرس الفلسفة واللغة اللاتينية ، لكنه سرعان ما أكتشف عدم ميله لهما ، فاتجه إلى تعلم فن الرسم بتشجيع من أبيه في مرسم فرانشيسكو هيريرا الأب ، ثم تركه وذهب إلى مرسم فرانشيسكو باشيكو ، حيث وقع في غرام ابنته جوانا ، التي تزوجها في عام 1618 وهو في التاسعة عشرة من عمرة ، وخلال العام الأول من زواجه ، رسم بورتريه لزوجته معروض الآن في متحف ألبرادو ، وبعد أربع أعوام وصل فيلازكيز الى مدريد ، حيث رسم لوحة للشاعر جونجورا ، وهي ضمن أعمال الرسام بمتحف ألبرادو ، ويبدو أن الأمور لم تسير علي ما يرام في العاصمة ، فاضطر فيلازكيز إلى العودة لأشبيلية ، لكنه عاد في عام 1623 إلى مدريد مرة أخري ، ونحج في الدخول في خدمة الملك فيليب الرابع ، ليصبح رسام البلاط براتب بلغ 20 اسكودر في الشهر ويري الزائر في الجناح المخصص لأعمال فيلازكيز في المتحف ألبرادو العديد من أشهر لوحات هذا الرسام العظيم ، مثل لوحة الكونت دي أوليفار التي رسمها في عام 1624 ، ولوحة دون كارلوس وبورتريه للملك فيليب الرابع ورسمهما في عامي 1625 و 1626 وفي عام 1628 تعرف فيلازكيز على الرسام الفلمنكي العظيم روبنز الذي قدم الى مدريد في مهمة دبلوماسية ، فتأثر به كثيرا ، خاصة أن روبنز كان أكبر في العمر بسنوات من فيلازكيز ، فعمل بنصائحه في استخدام الفرشاة والألوان ، ويبدو هذا التأثير الفلمنكي في لوحة (انتصار باخوس) لفيلازكيز .
وفي عام 1629 أبحر فيلازكيز إلى جنوا حيث اتسعت مداركه بعد أن درس أعمال الأساتذة الكبار في فن الرسم الإيطالي ، وخاصة أعمال مايكل أنجلو ورفائيل ، وخلال فترة أقامته في روما صور الحدائق الرومانية الرائعة في دراستين بديعتين يجتذبان أنظار الكثير من الزائرين لمتحف ألبرادو ، وظل هذا الفنان العظيم يتمتع بروح إبداعية في الرسم حتى السنوات الأخيرة من حياته ، وفي عام 1655 رسم لوحة (الغازلات) ثم رسم في عام 1667 لوحة (لاس مينيناس) وهى قطعة فنية حقا ، ورسم لوحة القديس بولس والقديس أنطوني في الصحراء ، قبل أن يتوفي في 6 أغسطس 1669 .
وقد قيل الكثير عن فيلازكيز وأعماله الفنية ، ووصفه البعض بأنه رسام واقعي ، بل واتهمه آخرون بأنه مجرد ناقل للواقع الذي يراه بعينيه ، لكنه فيلازكيز أكبر من ذلك بكثير ، أنه فنان مبدع أصيل عبقري ، فلوحاته بمتحف ألبرادو توضح أنه عبر عما رآه ضروريا في الواقع ، وتخلي عن الأشياء الهامشية الأخرى ، عبر بفرشاته عن الانفعالات الإنسانية وحركات العضلات بدقة متناهية ، كما في لوحة (فولكان فورج) التي رسمها في عام 1630 وأقتناها فيليب الرابع بعد ذلك بأربعة أعوام.
ويضم ألبرادو نحو 50 لوحة زيتية من أعمال فيلازكيز ، من بينها القطعة الفنية الرائعة (لاس ميبيباس) ، وهي عبارة عن رسم علي قماش بطول 318 سم وعرض 276 سم ، وكانت تسمي أصلا (عائلة فيليب الرابع) ، ويظهر مرسم الفنان في خليفة اللوحة ، كما يظهر فيلازكيز في جانب الرسم ، ويبدو كل شيء في اللوحة بشكل تلقائي ، ويتضح أن الفنان نجح إلى حد كبير في تصوير طبيعة اللحظة بمهارة فائقة مستغلا الضوء والظل وغني الألوان ، أما لوحة (الغازلات) فهي عمل فني آخر يجسد مهارة فيلازكيز في رسم حركات الأجسام وفي اللعب بتضارب الألوان ، وهي لوحة يقول عنها النقاد إنها أثرت بدون شك على اتجاهات الانطباعيين في القرن التاسع عشر.
ومن اللوحات الرائعة الأخرى لوحة (استسلام بريدا ، التي تجسد استسلام ناساو ورجاله ، ويبدو في الصورة سبينولا ، إحدى الشخصيات الرئيسية في الصورة ، وهو يرحب بناساو بطريقة إنسانية وهو يسلمه مفاتيح المدينة، وهذا يعكس الجانب الإنساني الرقيق في شخصية فيلازكيز نفسه ، ورغم أن اللوحة تظهر هذه الإيماءة الإنسانية الرقيقة، إلا أن فرشاة الفنان لم تنس رسم تعبير الانتصار والفرح على وجه سبينولا ، أما لوحة انتصار باخوس فهي واحدة من أشهر أعمال فيلازكيز ، وتجسد براعته في إبراز المشاعر الإنسانية.
موريللو . . و400 لوحة
ولد بارتولومي أستبان موريللو في أشبيلية يوم 31 ديسمبر 1617 ، وتوفي يوم 3 إبريل 1682 بعد أن سقط من فوق سقالة في مدينة قادش بأسبانيا ، وهو يرسم الأجزاء العليا من لوحة بعنوان (زواج القديسة كاترين) ، اجتذب فن الرسم موريللو منذ صغره ، وتلقى دروسه الأولى في مرسم جوان دل كاستيلو ، وعاش حياة بسيطة كرسها للرسم ، حيث رسم نحو 400 لوحة خلال 04 عاما ، منها مائة لوحة ضخمة ، وقد شكلت مدينة أشبيلية وروحها وطبيعتها الأساس الفني الذي انطلق منه إلى آفاق أرحب في عالم الفن.
وفي عام 1648 تزوج موريللو من دونا بياتريس كابريرا ، وهي سيدة من عائلة أرستقراطية ، فبدأ يضع لنفسه أسلوبا متفردا في الرسم ، وتخلي عن تأثير فيلازكيز ، وريبيرا وزورباران ، وهو التأثير الذي كان واضحا في أعماله الأولي ، وبالتالي بدأت مرحلة للفنان ورسم لوحات رائعة من بينها رؤيا القديس انطونيو ، وأنجب موريللو من زوجته مالا يقل عن تسعه أطفال ، إلا أن معظمهم ماتوا في سن مبكرة ، ولم يتبق سوي ثلاثة أطفال.
ويضم متحف ألبرادو نحو 40 لوحة أبدعها موريللو ، أهمها وأكثرها شهرة لوحة (الطفلان والصدقة) ، التي أتقن فيها التعبيرات المرسومة علي وجهي الطفلين ، حيث يقدم أحدهما للآخر الصدفة ليشرب منها ، بينما يتابع حمل وثلاثة ملائكة هذا المنظر الذي يجسد البراءة ، وقد نجح موريللو في المزج بين الألوان بطريقة عبقرية ، وفي إضفاء جو من الشفافية على الطفلين.
ومن الأعمال الهامة الأخرى في ألبرادو لوحة (جبل بلادنس) التي من المرجح أن يكون قد رسمها في حدود عام 1678 والتي تأكد فيها نضجة الفني.
وركز الفنان في هذه اللوحة على وجه العذراء الذي يعكس جمالا رائعا وتقوى دينية في الوقت ذاته ، فالجمال ففي اللوحة الهي ولكنه جمال امرأة أيضا ، وهذه اللوحة رسمها موريللو لصالح مستشفى القساوسة في أشبيلية ، واستولى عليها المارشال سولت خلال حرب شبه جزيرة أيبريا ، وأشترتها الحكومة الفرنسية من أتباع سولت في مزاد علني في مايو 1852 ، وظلت لمدة قرن معلقة في متحف اللوفر ، ولكنها عادت الى أسبانيا في عام 1940 بعد تبادل للأعمال الفنية بين الحكومتين الفرنسية والأسبانية ، منذ ذلك الوقت وهي معلقة في متحف ألبرادو بمدريد.
..
متحف ألبرادو استراحة.. عمالقة الفن الأسباني
تضافرت حضارات عريقة ، وعلى رأسها الحضارة الإسلامية العربية ، لتحول أسبانيا إلى دولة ذات ثراء على صعيد الحياة الفنية بين دول أوروبا ، وظهر في أسبانيا الكثير من الفنانين الذين نافسوا عمالقة الرسم في إيطاليا وفرنسا وألمانيا ، وتتجسد عبقرية هؤلاء الفنانين الأسبان في اللوحات الزيتية والمنحوتات العديدة ، التي يضمها متحف البرادو في قلب العاصمة الأسبانية مدريد.
وتضم قاعات المتحف العديدة مجموعات من الرسوم الزيتية ، تعد الأكثر استكمالا في العالم ، وتزيد هذه الأعمال عن الثلاثة آلاف رسم زيتي لأشهر عمالقة الرسم في العالم ، بالإضافة إلى ما يربو على 400 منحوتة ، ومجموعة من المجوهرات وقطع نادرة من البور سلين والكريستال والمشغولات الذهبية.
والرسوم الزيتية التي تضمها قاعات المتحف المختلفة أبدعها عمالقة هذا الفن من جميع أنحاء العالم . . فهناك 83 لوحة أبدعها العبقري روبنز ، 40 لوحة بريشة بروجل ، 36 ل (تيتيان) ، 14 ل ( فيرونيز ) ، 6 لوحات و05 رسما تخطيطيا للرسام هيرونيموس بوش.
أما علي صعيد الفن الأسباني ، وهو الذي يمتاز به متحف اللبرادو عن غيره من المتاحف الكبرى ، فهناك 05 عملا لفنان فيلازكيز ، وعدد مماثل من اللوحات للفنان ريبير ، و40 للرسام موريللو ، و33 للرسام الجريكو ومالا يقل عن 114 لوحة و50 رسما تخطيطيا لعبقري الرسم الأسباني العالمي (جويا) ، ويقدم متحف البرادو نماذج عديدة لمدارس الرسم الأسباني الإيطالية ، الفلمنكية ، الفرنسية ، الألمانية ، الهولندية ، الإنجليزية ، وفي الواقع فان زيارة متحف البرادو تفتح الباب على مصراعيه للتعرف على أصول وإنجازات الفن الغربي بأكمله.
تاريخ المتحف
تتوزع كنوز المتحف داخل قاعات مبني عريق تم بناؤه في عام 1785 ليكون في الأصل مقرا لمقتنيات معهد العوم الطبيعية ، ورغم أن المتحف البرادو افتتح يوم 19 نوفمبر عام 1819 خلال حكم فرناندو السابع ، بعد ترميمه من جراء ما تعرض له نتيجة لحرب جزيرة أيبريا ، فان فكرة إنشاء متحف لم تكن بالجديدة ، بعد أن تحولت أجزاء من قصر الاسكوريال الأسباني الشهير إلى قاعات لعرض العديد من اللوحات الفنية ، وذلك كارلوسن الثالث الذي أقنعة القريبون منه بأهمية إنشاء صالة فنية تليق بحاكم عظيم مثله ، وتجسيد في الوقت نفسه روح التنوير التي راحت تنتشر في جميع أنحاء أوروبا في ذلك القرن.
وحظيت فكرة إنشاء متحف كبير للفنون بقوة دفع إضافية خلال حكم جوزيف بونابرت ، الذي سيطرت عليه فكرة تأسيس متحف جوزيف ، لكن المتحف أنشئ في عهد فرناندو السابع بتأثير من زوجته الثانية ماريا إيزابيل ، التي توفيت عام 1818 ، أي قبل عام واحد من افتتاح المتحف.
وشهد متحف ألبرادو منذ افتتاحه العديد من التوسعات ، كما زادت مقتنيات بشكل ملحوظ ، حيث ضم في أواخر القرن الماضي الزيتيات السواء لجويا ، التي أهداها الأرستقراطي البلجيكي أيميل دير لانجر للمتحف ، واسكتشات رونبز الرائعة ، ومع بداية القرن العشرين حصل المتحف على لوحات هامة عديدة من بينها لوحات جويا ( أسرة دوق أوسونا) و ( تاديا أرياس ) .
وعندما نشبت الحرب الأهلية الأسبانية في أوائل الثلاثينات من هذا القرن ، تم تعيين الرسام العبقري بابلو بيكاسو أمينا على المتحف ، لكنه لم يستطع الاضطلاع بهذه المهمة ، وتم نقل مقتنيات المتحف عندما أغلق يوم 03 أغسطس 1936 ، إلى فالينسيا في البداية ، ثم إلى كتالونيا قبل أن تودع في النهاية في جنيف تحت رعاية عصبة الأمم ، وظلت هناك حتى عادت في عام 1939 إلى مدريد .
وشهد متحف ألبرادو مرحلة تاريخية جديدة ، وجرى تحسين وتطوير العديد من قاعات المبني التي تم تزويدها بالمواد الواقية من الحريق لمنع وقوع أية حوادث يمكن أن تأتي على المجموعة بأكملها ، وحصل المتحف بعد ذلك على العديد من القطع الفنية سواء من خلال الاهداءات أو المشتروات
مراحل التطور
تتشكل النواة الأصلية لمتحف ألبرادو من أعمال رسامي البلاط ورسامي ( البورتريه ) الرسميين ، الذين ينتمون إلى البلاط الملكي منذ عهد فيليب الثاني وحتى عصر كارلوس الرابع ، كذلك أعمال الفنانين الأسبان حتى نهاية القرن الثامن عشر ، ثم اقتنى المتحف في وقت لاحق أعمالا لرسامين ينتمون إلى المدرستين الفلمنكية والإيطالية.
ومع ذلك فان أهمية مجموعة ألبرادو برزت بوضوح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، عندما ضم المتحف محتويات متحف دي لاترينداد السابق ، وهي مقتنيات يغلب عليها الطابع الديني لمدرستي مدريد وطليطلة ، وتزايدت محتويات المتحف بالتدريج بعد أن خرج من محاولات إحراق متعددة وعمليات سرقة عديدة قبل نهاية القرن التاسع عشر ، وإبان الحرب الأهلية الأسبانية ، وفي عام 1946 ضم المتحف ولأول مرة لوحات زيتية رومانية ، كما ضم العديد من الأعمال الفنية لمدارس ( الباروك ) في قرطبة ، غرناطة ، أشبيلية ، وفالنسيا ، مما ساهم في توسيع الإطار التاريخي والفني لهذا المتحف العريق ، ومن أهم قاعات متحف ألبرادو الآن : قاعة ريبيرا ، قاعة الجريكو ، قاعة فيلازكيز ، قاعة موريللو ، وقاعة جويا.
ريبيرا . . الأسباني الصغير
ولد خوزيه ريبيرا في فالنسيا عام 1591 ورغم أن أسرته كانت تريده أن يدرس الآداب إلا إنه اتجه منذ سنواته الأولى إلى الرسم ، وعاش ريبيرا فترة من الزمن في إيطاليا ، حيث أطلق عليه هناك لقب ( الأسباني الصغير ) ، وتنقل بين مدن بارما ، روما ونابولي حيث تزوج من ابنة رسام، ويمكن تحديد ثلاث مراحل بارزة في أعمال ريبيرا الأولي بين 1616 و 1624 حيث اتسمت بتأثره بالجو الأسباني الذي نشأ وترعرع فيه ، وطغت على لوحاته الألوان المبهجة الخفيفة ، أما المرحلة الثانية من فن ريبيرا فقد استمرت من 1624 حتى 1638 ، وقد أطلق عليها النقاد اسم ( المرحلة السوداء ) ، وتجسدها لوحة ( سانت أندرو ) بمتحف ألبرادو ، التي يطفي عليها طابع الكآبة ، أما في المرحلة الثالثة والأخيرة فقد اتسمت لوحات ريبيرا بالشفافية ، ويمكن مقارنتها بالأعمال المبهجة للفنان فيلازكيز.
ومن بين 50 لوحة زيتية ل ( ريبيرا ) في متحف ألبرادو ، تعد لوحة ( القديس جيروم ) صورة واقعية مؤثرة ، استعرض فيها الفنان مقدرته على دراسة عضلات الجسم الإنساني ، الذي يتعارض مع التعبير الروحي المرسوم على وجه القديس.
الجريكو .. رسام العصور
رغم أن دومينكو ثيوتو كوبيلي ولد في عام 1541 في جزيرة كريت ، فأن العالم عرفه على أنه أسباني ، وأحد عباقرة فن الرسم في هذه الدولة ، وأطلق الإيطاليون والأسبان عليه اسم دومينكو جريكو ، أو الجريكو ، أقام الجريكو في فينيسيا خلال فترة شبابه ، وعمل في أستوديو تيتيان.
وعندما ذهب إلى روما في حوالي عام 1570 تعرف على جويو كلوفير ، الرسام الذي كان يعمل لدي الكاردينال جريماني ، وتأثر الجريكو خلال فترة أقامته في روما بالعديد من كبار الرسامين أمثال تيتيان ، مايكل أنجلو وياسانو ، ثم رحل الجريكو بعد ذلك إلى أسبانيا ، ويبدو أنه ذهب أولا إلى مدريد حيث التقي بدونا جيرونيما التي قيل أنه تزوجها وأنجب منها ولدا أسماه جورج مانويل ، قد يكون ذلك الشاب الوسيم الذي رسم الجريكو لوحة بورتريه له توجد الآن في متحف الفنون الجميلة في أشبيلية ، وفي عام 1577 توجه الجريكو إلى مدينة طليطلة حيث ارتقى فنه وأصبح واحدا من أعظم الرسامين في كل العصور ، وفي عام 1586 بدأ في رسم أنجح وأروع أعماله ، وهي لوحة (دفن الكونت أورجاز) وذلك بتكليف من كنيسة القديس توميه ، حيث ما تزال هذه اللوحة هناك ، كما رسم لوحة (حلم فيليب الثاني) في عام 1579 ، وظل الجريكو في مدينة طليطلة خلال الأعوام الأخيرة من حياته ، حتى توفي في عام 31 مارس 1614.
ويمكن القول بأن أعمال الجريكو تسبق الزمن الذي عاش فيه بسنوات عديدة ، بل إنها تتفوق على الكثير من الأعمال الجريئة والتجريبية الناجحة للفن الحديث ، ويري الناقد الفني جوليو بايرو أن الجريكو يعد أكثر الرسامين الذين ينتمون لعصر النهضة والأكثر جرأة في الخروج عن التقاليد المألوفة في الرسم ، كما يعد من بين جميع الرسامين المعروضة لوحاتهم في متحف ألبرادو حالة خاصة وسط الرسامين الأسبان قبل جويا ، وتضم مجموعة مدريد في متحف ألبرادو 33 عملا لألجريكو ، من أهمها لوحة (النبيل الذي يضع يده على صدره) ، وهي واحدة من أشهر الأعمال ، وتمتاز بدقة التصوير ، وروعة الألوان ، ونبض الإحساس ، ولوحة (القديس) جون التي أبدع الجريكو في استخدام الألوان ، ولوحة الدكتور دي لا فونت ، وبورتريه (ترينتي) الرائع الذي يضاهي أعمال مايكل أنجلو في سنواته الأخيرة.
فيلازكيز .. رسام البلاط
يعد دييجو رودريجز فيلازكيز بلا شك واحدا من أبرز الرسامين في العالم ، ولد في أشبيلية يوم 8 يونيو 1599 وهي بداية مثالية لأي رسام ، حيث تمتاز هذه المدينة بجوها الفاتن وسمائها الصافية ، وفيلازكيز هو أبن نبيل برتغالي ، ومن أم تنتمي لعائلة أرستقراطية في أشبيلية ، وبدأ الصبي دييجو يدرس الفلسفة واللغة اللاتينية ، لكنه سرعان ما أكتشف عدم ميله لهما ، فاتجه إلى تعلم فن الرسم بتشجيع من أبيه في مرسم فرانشيسكو هيريرا الأب ، ثم تركه وذهب إلى مرسم فرانشيسكو باشيكو ، حيث وقع في غرام ابنته جوانا ، التي تزوجها في عام 1618 وهو في التاسعة عشرة من عمرة ، وخلال العام الأول من زواجه ، رسم بورتريه لزوجته معروض الآن في متحف ألبرادو ، وبعد أربع أعوام وصل فيلازكيز الى مدريد ، حيث رسم لوحة للشاعر جونجورا ، وهي ضمن أعمال الرسام بمتحف ألبرادو ، ويبدو أن الأمور لم تسير علي ما يرام في العاصمة ، فاضطر فيلازكيز إلى العودة لأشبيلية ، لكنه عاد في عام 1623 إلى مدريد مرة أخري ، ونحج في الدخول في خدمة الملك فيليب الرابع ، ليصبح رسام البلاط براتب بلغ 20 اسكودر في الشهر ويري الزائر في الجناح المخصص لأعمال فيلازكيز في المتحف ألبرادو العديد من أشهر لوحات هذا الرسام العظيم ، مثل لوحة الكونت دي أوليفار التي رسمها في عام 1624 ، ولوحة دون كارلوس وبورتريه للملك فيليب الرابع ورسمهما في عامي 1625 و 1626 وفي عام 1628 تعرف فيلازكيز على الرسام الفلمنكي العظيم روبنز الذي قدم الى مدريد في مهمة دبلوماسية ، فتأثر به كثيرا ، خاصة أن روبنز كان أكبر في العمر بسنوات من فيلازكيز ، فعمل بنصائحه في استخدام الفرشاة والألوان ، ويبدو هذا التأثير الفلمنكي في لوحة (انتصار باخوس) لفيلازكيز .
وفي عام 1629 أبحر فيلازكيز إلى جنوا حيث اتسعت مداركه بعد أن درس أعمال الأساتذة الكبار في فن الرسم الإيطالي ، وخاصة أعمال مايكل أنجلو ورفائيل ، وخلال فترة أقامته في روما صور الحدائق الرومانية الرائعة في دراستين بديعتين يجتذبان أنظار الكثير من الزائرين لمتحف ألبرادو ، وظل هذا الفنان العظيم يتمتع بروح إبداعية في الرسم حتى السنوات الأخيرة من حياته ، وفي عام 1655 رسم لوحة (الغازلات) ثم رسم في عام 1667 لوحة (لاس مينيناس) وهى قطعة فنية حقا ، ورسم لوحة القديس بولس والقديس أنطوني في الصحراء ، قبل أن يتوفي في 6 أغسطس 1669 .
وقد قيل الكثير عن فيلازكيز وأعماله الفنية ، ووصفه البعض بأنه رسام واقعي ، بل واتهمه آخرون بأنه مجرد ناقل للواقع الذي يراه بعينيه ، لكنه فيلازكيز أكبر من ذلك بكثير ، أنه فنان مبدع أصيل عبقري ، فلوحاته بمتحف ألبرادو توضح أنه عبر عما رآه ضروريا في الواقع ، وتخلي عن الأشياء الهامشية الأخرى ، عبر بفرشاته عن الانفعالات الإنسانية وحركات العضلات بدقة متناهية ، كما في لوحة (فولكان فورج) التي رسمها في عام 1630 وأقتناها فيليب الرابع بعد ذلك بأربعة أعوام.
ويضم ألبرادو نحو 50 لوحة زيتية من أعمال فيلازكيز ، من بينها القطعة الفنية الرائعة (لاس ميبيباس) ، وهي عبارة عن رسم علي قماش بطول 318 سم وعرض 276 سم ، وكانت تسمي أصلا (عائلة فيليب الرابع) ، ويظهر مرسم الفنان في خليفة اللوحة ، كما يظهر فيلازكيز في جانب الرسم ، ويبدو كل شيء في اللوحة بشكل تلقائي ، ويتضح أن الفنان نجح إلى حد كبير في تصوير طبيعة اللحظة بمهارة فائقة مستغلا الضوء والظل وغني الألوان ، أما لوحة (الغازلات) فهي عمل فني آخر يجسد مهارة فيلازكيز في رسم حركات الأجسام وفي اللعب بتضارب الألوان ، وهي لوحة يقول عنها النقاد إنها أثرت بدون شك على اتجاهات الانطباعيين في القرن التاسع عشر.
ومن اللوحات الرائعة الأخرى لوحة (استسلام بريدا ، التي تجسد استسلام ناساو ورجاله ، ويبدو في الصورة سبينولا ، إحدى الشخصيات الرئيسية في الصورة ، وهو يرحب بناساو بطريقة إنسانية وهو يسلمه مفاتيح المدينة، وهذا يعكس الجانب الإنساني الرقيق في شخصية فيلازكيز نفسه ، ورغم أن اللوحة تظهر هذه الإيماءة الإنسانية الرقيقة، إلا أن فرشاة الفنان لم تنس رسم تعبير الانتصار والفرح على وجه سبينولا ، أما لوحة انتصار باخوس فهي واحدة من أشهر أعمال فيلازكيز ، وتجسد براعته في إبراز المشاعر الإنسانية.
موريللو . . و400 لوحة
ولد بارتولومي أستبان موريللو في أشبيلية يوم 31 ديسمبر 1617 ، وتوفي يوم 3 إبريل 1682 بعد أن سقط من فوق سقالة في مدينة قادش بأسبانيا ، وهو يرسم الأجزاء العليا من لوحة بعنوان (زواج القديسة كاترين) ، اجتذب فن الرسم موريللو منذ صغره ، وتلقى دروسه الأولى في مرسم جوان دل كاستيلو ، وعاش حياة بسيطة كرسها للرسم ، حيث رسم نحو 400 لوحة خلال 04 عاما ، منها مائة لوحة ضخمة ، وقد شكلت مدينة أشبيلية وروحها وطبيعتها الأساس الفني الذي انطلق منه إلى آفاق أرحب في عالم الفن.
وفي عام 1648 تزوج موريللو من دونا بياتريس كابريرا ، وهي سيدة من عائلة أرستقراطية ، فبدأ يضع لنفسه أسلوبا متفردا في الرسم ، وتخلي عن تأثير فيلازكيز ، وريبيرا وزورباران ، وهو التأثير الذي كان واضحا في أعماله الأولي ، وبالتالي بدأت مرحلة للفنان ورسم لوحات رائعة من بينها رؤيا القديس انطونيو ، وأنجب موريللو من زوجته مالا يقل عن تسعه أطفال ، إلا أن معظمهم ماتوا في سن مبكرة ، ولم يتبق سوي ثلاثة أطفال.
ويضم متحف ألبرادو نحو 40 لوحة أبدعها موريللو ، أهمها وأكثرها شهرة لوحة (الطفلان والصدقة) ، التي أتقن فيها التعبيرات المرسومة علي وجهي الطفلين ، حيث يقدم أحدهما للآخر الصدفة ليشرب منها ، بينما يتابع حمل وثلاثة ملائكة هذا المنظر الذي يجسد البراءة ، وقد نجح موريللو في المزج بين الألوان بطريقة عبقرية ، وفي إضفاء جو من الشفافية على الطفلين.
ومن الأعمال الهامة الأخرى في ألبرادو لوحة (جبل بلادنس) التي من المرجح أن يكون قد رسمها في حدود عام 1678 والتي تأكد فيها نضجة الفني.
وركز الفنان في هذه اللوحة على وجه العذراء الذي يعكس جمالا رائعا وتقوى دينية في الوقت ذاته ، فالجمال ففي اللوحة الهي ولكنه جمال امرأة أيضا ، وهذه اللوحة رسمها موريللو لصالح مستشفى القساوسة في أشبيلية ، واستولى عليها المارشال سولت خلال حرب شبه جزيرة أيبريا ، وأشترتها الحكومة الفرنسية من أتباع سولت في مزاد علني في مايو 1852 ، وظلت لمدة قرن معلقة في متحف اللوفر ، ولكنها عادت الى أسبانيا في عام 1940 بعد تبادل للأعمال الفنية بين الحكومتين الفرنسية والأسبانية ، منذ ذلك الوقت وهي معلقة في متحف ألبرادو بمدريد.
..
الــــــــــــــــــــــرحــــــــــــــــــاب لصاحبه محمود عبد الستار :: الشباب والترفيه :: متاحف عالمية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى